تحليل التفاعلات المكانية في الأوساط الجبلية جنوب غرب المملكة العربية السعودية باستعمال نظم المعلومات الجغرافية: منطقة الباحة أنموذجا
تعتبر دراسة التفاعلات المكانية للأوساط الجغرافية عموما وللمنظومات الجبلية خصوصا من المواضيع التي استرعت انتباه عدد ما فتئ يتزايد من الباحثين. وإذ كان التنوع الحالي للأوساط الجبلية في جنوب غرب المملكة العربية السعودية يبدو في مجمله موروثا عن المنظومات البيئية القديمة إلا أن عناصره التفصيلية تقع تحت تأثير التحولات الحالية المرتبطة هي الأخرى بعناصر المناخ وبتدخل الإنسان وكيفية استغلاله لهذا الموروث. لذا سعى هذا البحث إلى التعرف على المؤهلات الطبيعية والتاريخية التي جعلت من منطقة الباحة جاذبة سياحيا، وإبراز سرعة الزحف العمراني وأهم اتجاهاته، والتنبيه من خطورة النتائج المترتبة عن التوسع العمراني على مكونات الأوساط البيئية والثقافية لكامل منطقة الباحة. لتحقيق هذه الأهداف، اتبعت الدراسة، المنهج الاستقرائي والتطوري مستخدما في ذات الوقت تقنية نظم المعلومات الجغرافية لتتبع التفاعلات المكانية للتوسع الحضري واتجاهاته عبر تحليل المرئيات الفضائية لعامي 2000 و 2017. توصل هذا البحث إلى نتائج بينت بأن التحولات المكانية للمنطقة موضوع الدراسة مرت بعدة مراحل. كانت المرحلة الأولى ذات طابع ريفي بامتياز حيث كانت المساكن والقرى مشتتة على المرتفعات الجبلية وعلى الضفاف العليا لبعضن مجاري الأودية، بينما هيئت المنخفضات وجل السفوح في شكل مدرجات زراعية. المرحلة الثانية بدأت تظهر فيها أولى بوادر التحضر، عندما أصبحت الباحة مركز الإشراف الإداري لكامل المنطقة، فكان توسع المدينة في بادئ الأمر على حساب المنحدرات القريبة من مركزها لتكون ما يشبه المدينة المتسلقة. أما في المرحلة الثالثة، خصوصا مع بداية القرن الحالي، انتشر العمران بشكل متسارع على حساب المدرجات الزراعية خصوصا منها المنتشرة في منخفضات الأودية. خلص البحث إلى أن منطقة الباحة قد بنت شخصيتها الجغرافية عبر مراحل وتحت تأثير عوامل مختلفة. فخصائص موقعها وقدم توطن الإنسان فيها وانتشاره عبر المكان كلها عوامل أنتجت مناطق متنوعة. فالمكان هو نتاج تداخل عناصر متعددة تتفاعل فيما بينها وقد يزداد تأثير أحدها على حساب العناصر الأخرى. يبدو إذن أن التحولات المكانية والنمو الحضري المتسارع الذي تشهده منطقة الباحة خاضع اليوم إلى مؤثرات العنصر البشري خصوصا منه الإداري أكثر من أي وقت مضى.
سنة النشـــر
2021